المقدمة

أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات العالمية للأعمال والاستثمار، وسعت باستمرار إلى تطوير بيئة أعمال جاذبة ومنافسة. ومن بين أبرز المبادرات التي أطلقتها لتعزيز هذه البيئة، تأتي "التأشيرة الذهبية"، والتي تمثل فرصة ثمينة للمستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المواهب الاستثنائية. يستعرض هذا المقال التسهيلات التي توفرها التأشيرة الذهبية وكيفية الاستفادة منها، مع التركيز على أثرها الإيجابي في بيئة الأعمال بدولة الإمارات ضمن إطار قانوني منظم.

مفهوم التأشيرة الذهبية

تُعد التأشيرة الذهبية نظام إقامة طويل الأمد أطلقته دولة الإمارات لأول مرة في عام 2019. يتيح هذا النظام للأفراد المؤهلين الإقامة في الدولة لمدة تصل إلى 10 سنوات، مع إمكانية التجديد. ويشمل هذا النظام فئات محددة مثل المستثمرين، ورواد الأعمال، والمتخصصين في مجالات الطب، والهندسة، والذكاء الاصطناعي.

من الناحية القانونية، يخضع نظام التأشيرة الذهبية لعدة قوانين ولوائح تهدف إلى حماية حقوق المستثمرين والمقيمين، من أبرزها:

• القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 1973 بشأن دخول وإقامة الأجانب: وهو الإطار الأساسي لتنظيم الإقامة في دولة الإمارات.
• قرار مجلس الوزراء رقم (56) لسنة 2018: ويحدد هذا القرار المعايير الخاصة بمنح التأشيرات طويلة الأمد.

تشريعات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI): وهي التي تنظم ملكية الأجانب للشركات في دولة الإمارات.

التسهيلات التي توفرها التأشيرة الذهبية

الإقامة طويلة الأمد: توفر التأشيرة الذهبية استقرارًا قانونيًا لحامليها، حيث تُغنيهم عن الحاجة إلى كفيل محلي أو تجديد التأشيرة بشكل متكرر. وبحسب قرار مجلس الوزراء رقم (56) لسنة 2018، تُمنح هذه التأشيرة بناءً على معايير محددة مثل حجم الاستثمار أو الإنجازات المهنية.

الملكية الكاملة للاستثمارات: يُمكن للمستثمرين الأجانب تأسيس أعمالهم بملكية 100%، دون الحاجة إلى شريك محلي، مما يعزز حرية ممارسة الأعمال. وينظم هذا الأمر القانون الاتحادي رقم (19) لسنة 2018 بشأن الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي يمنح حقوق الملكية الكاملة في قطاعات محددة.

سهولة التنقل: تُتيح التأشيرة الذهبية للمستثمرين الدخول إلى دولة الإمارات والخروج منها دون قيود، مما يسهّل إدارة أعمالهم داخل الدولة وخارجها بكفاءة. ويُكفل هذا الحق بموجب القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 1973.

تأشيرات أفراد الأسرة: تشمل التأشيرة الذهبية أفراد الأسرة (الزوج أو الزوجة والأبناء) لمدة الإقامة نفسها، مما يعزز من استقرار الأسرة.

الحوافز الضريبية: توفّر دولة الإمارات بيئة شبه خالية من الضرائب على الدخل الشخصي، مما يجعلها وجهة جذابة للمستثمرين الأجانب.

فرص التوسع والشراكات: تُسهّل التأشيرة الذهبية الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، مدعومة بالدعم الحكومي المستمر لتعزيز منظومة الأعمال.

كيفية الاستفادة من التأشيرة الذهبية

تحديد الأهلية:

• المستثمرون في الشركات أو العقارات
• رواد الأعمال في المشاريع الناشئة أو الابتكارات
• المهنيون من ذوي الخبرات النادرة

ويتم تحديد معايير الأهلية في المادة (2) من قرار مجلس الوزراء رقم (56) لسنة 2018.

تقديم الطلب: يمكن تقديم طلب التأشيرة من خلال المنصات الحكومية الرسمية، مثل موقع الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية.

استيفاء المتطلبات:

• للمستثمرين: تقديم إثبات لحجم الاستثمار مثل سندات الملكية أو السجلات التجارية.
• لرواد الأعمال: إثبات نجاح المشروع أو الحصول على دعم من حاضنات أعمال محلية.

اتباع الإجراءات القانونية: التعاون مع مستشار قانوني لتسهيل عملية التقديم وضمان الامتثال الكامل لجميع المتطلبات.

التحديثات الدورية: يجب على حاملي التأشيرة الذهبية تجديد المستندات ذات الصلة، مثل السجلات التجارية، بشكل دوري.

تأثير التأشيرة الذهبية على بيئة الأعمال في دولة الإمارات

جذب الاستثمارات الأجنبية: تعزز التأشيرة الذهبية ثقة المستثمرين الدوليين في بيئة الأعمال الإماراتية، مما يؤدي إلى زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية.

تشجيع الابتكار وريادة الأعمال: توفر الإقامة طويلة الأمد استقرارًا لرواد الأعمال، مما يشجع على الابتكار وإطلاق المشاريع الناشئة.

تعزيز استقطاب الكفاءات: تُصبح دولة الإمارات مركزًا عالميًا لاستقطاب المواهب، مما يُسهم في نمو قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية.

دعم النمو الاقتصادي المستدام: من خلال الاستثمارات الأجنبية والمشاريع الناشئة، تُساهم التأشيرة الذهبية في تنويع الاقتصاد الإماراتي وتقليل الاعتماد على النفط.

بناء شبكة أعمال متكاملة: تُتيح التأشيرة الذهبية للمستثمرين التواصل مع شبكة واسعة من الشركات والمستثمرين المحليين والدوليين

تُعزز هذه الشبكات من خلال أنظمة المناطق الحرة.

الخاتمة

تُعد التأشيرة الذهبية خطوة تحوّلية ضمن استراتيجية دولة الإمارات لتعزيز بيئة الأعمال وجذب المواهب والاستثمارات. فهي لا توفّر تسهيلات قانونية وإدارية فحسب، بل تُعزز أيضًا مكانة الإمارات كمركز عالمي للأعمال. وللاستفادة الكاملة من هذه الفرصة، ينبغي على المستثمرين الإلمام بالتفاصيل القانونية والإجرائية، واستغلال التسهيلات المتاحة لتحقيق النجاح والنمو المستدام.